أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف. بي. آي.) في الأيام القليلة الماضية أن عدد جرائم الكراهية في الولايات المتحدة ارتفع عام 2020 لأعلى مستوى في 12 عاماً، مدعوماً بتزايد الهجمات على ذوي الأصول الأفريقية والآسيوية. وبلغ إجمالي جرائم الكراهية الذي أحصته الوكالة الاتحادية 7759 جريمة العام الماضي الذي شهد جائحة عالمية وانتخابات رئاسية شديدة الانقسام واضطراباً اقتصادياً. ويعكس الإجمالي زيادة بنسبة 6% على عام 2019 وهي أعلى زيادة منذ عام 2008 الذي سجل 7783 جريمة كراهية.
وهذه هي المرة السادسة في السنوات السبع الماضية التي يرتفع فيها عدد الهجمات. وتشير البيانات الاتحادية إلى أن عدد جرائم الكراهية ارتفع نحو 42% منذ عام 2014. وأظهرت البيانات ارتفاعاً في عدد الهجمات التي استهدفت ذوي الأصول الأفريقية من 1930 إلى 2755 هجوماً وارتفاع الهجمات التي استهدفت الآسيويين من 158 إلى 274 هجوماً. وتأتي هذه البيانات في وقت حذرت فيه جماعات للدفاع عن الحقوق المدنية من تزايد العداء تجاه الأقليات في غمرة تصاعد القومية البيضاء وتزايد مستويات جرائم العنف على امتداد البلاد. وزادت الهجمات التي استهدفت البيض لتبلغ 773 جريمة بزيادة 16%.
وجاء في بيان لوزير العدل الأميركي، ميريك جارلاند، أن «جرائم الكراهية هذه والحوادث الأخرى المتعلقة بالتحيز تبث الخوف في جماعات كاملة وتقوض المبادئ التي تقوم عليها ديمقراطيتنا». وأشار جارلاند إلى إجراءات تتبعها وزارة العدل لتحسين رصد الحوادث ودعم تدريب جهات إنفاذ القانون. ويخول الكونجرس (إف. بي. أي) في جمع بيانات جرائم الكراهية سنوياً بناء على تقارير من وكالات إنفاذ القانون المحلية.
وفي عام 2020، تناقص عدد الوكالات المشاركة في هذا المسعى للعام الثاني على التوالي على الأقل، ليبلغ عددها 15136 أي أقل بواقع 422 وكالة عن عام 2019. والغالبية العظمى من الوكالات المشاركة لم ترصد جرائم كراهية. وانتقد «ديمقراطيون» في الكونجرس وجماعات مدافعة عن الحقوق المدنية ما وصفوه بأنه عدد أقل بكثير مما وقع فعلياً من جرائم الكراهية وحوادث التحيز الأخرى. وأشاروا إلى ضعف تدريب الشرطة المحلية على كيفية التعرف وتصنيف جرائم الكراهية والافتقار إلى الموارد الكافية أو الاهتمام للتحقيق فيها.
وصرحت النائب «الديمقراطية» جودي تشو، رئيس «التكتل الأميركي الهادئ الآسيوي» في الكونجرس، قائلة: «صحيح أن العدد في هذا التقرير صادم، لكننا نعلم أنه ليس قريباً حتى من الصورة الكاملة». وأشارت إلى «خطاب زعماء سياسيين يتزايد عنصرية وتخويفاً من الأجانب» باعتباره مساهماً في تفاقم جرائم الكراهية. ومضت تقول إن تقرير (إف. بي. آي) «يتعين أن يمثل دعوة انتباه لكل من ينشرون بلا مبالاة الخوف والغصب في مجتمعاتنا إلى أنهم يعرضون بعملهم الأرواح للخطر».
وأشارت جماعات مدافعة عن الحقوق المدنية إلى استخدام الرئيس السابق دونالد ترامب لغة تثير الخوف من الأجانب العام الماضي، بما في ذلك تحميل الصين مسؤولية فيروس كورونا، مما ساهم في رد فعل سلبي تجاه الآسيويين. وسجلت جماعة «أوقفوا الكراهية ضد الأميركيين الآسيويين وسكان جزر الهادي» (Stop AAPI Hate)، غير الهادفة للربح ومقرها كاليفورنيا، 6603 حوادث كراهية ضد الآسيويين من مارس 2020-أي بداية الجائحة في الولايات المتحدة- إلى مارس من العام الجاري.
وتشير بيانات الجماعة - جمعتها عبر مواقع رصد على الإنترنت ولم يجر التحقق منها بدقة - إلى أن حوادث التحرش اللفظي مثلت 65%، بينما مثل الاعتداء البدني 12.6%. وأشار «جون يانج»، مدير جماعة «الأميركيين الآسيويين لتحقيق العدل»، غير الهادفة للربح والمدافعة عن الحقوق المدنية، إلى أن إحصاءات (إف. بي. آي). أقل من الواقع بكثير.
وعبر يانج عن تفاؤل حذر تجاه تزايد انتباه الجمهور لحوادث الكراهية ضد الآسيويين بعد تصوير عدد من الهجمات المتبجحة، معتقداً أن هذا يساعد في تحسين المحاسبة عن جرائم الكراهية. وأقر الكونجرس في مايو «قانون مناهضة جرائم الكراهية المتعلقة بكوفيد-19» الذي يلزم وزارة العدل بتعين مسؤول يعجل بالتحقيقات في جرائم الكراهية التي ترصدها السلطات الاتحادية.
ويسعى القانون أيضاً إلى تحسين عمليات رصد جرائم الكراهية في الإدارات المحلية بدعم قنوات الرصد عبر الإنترنت وتقديم موارد عبر مزيد من اللغات لمساعدة المهاجرين. وذكرت بيانات (إف. بي. آي) أن الهجمات التي استهدفت اليهود انخفضت من 953 هجوماً عام 2019 إلى 676 هجوماً العام الماضي. لكن جماعة «رابطة مكافحة التشهير»، المدافعة عن الحقوق المدنية التي تستخدم تعريفاً أوسع لحوادث الكراهية، سجلت 2024 حادثة من بين هجوم وتحرش وتخريب ضد اليهود في الولايات المتحدة العام الماضي.
وهذا يمثل تناقصاً طفيفاً عن عام 2019 لكنه مازال ثالث أعلى رقم قياسي. ويرى جوناثان جرينبلات، مدير الجماعة، أن أرقام (إف. بي. آي) «مزعجة في حد ذاتها». لكنه أكد أن البيانات الاتحادية أقل على الأرجح من الواقع، مع الأخذ في الاعتبار تقلص مستوى رصد البيانات. وجاء في بيان لجرينبلات، «البيانات تحرك السياسة ودون توافر صورة كاملة للمشكلة لا يمكننا حتى البدء في تحديد القضايا التي تحرك هذا التصاعد في الكراهية والعنف». وانخفض عدد جرائم القتل المصنفة كجرائم كراهية من رقم قياسي بلغ 51 جريمة عام 2019 إلى 22 جريمة العام الماضي. وذكر تقرير إف. بي. آي. أن هناك 3633 جريمة كراهية يُعتقد أن مرتكبيها من البيض، بينما هناك 1309 جرائم يعتقد أن مرتكبيها سود. وجاء في التقرير أن عرقية الجناة في 1080 حالة أخرى غير معروفة وأن الجناة الذين ينتمون لأكثر من عرقية متهمون بارتكاب 378 جريمة.
*صحفي أميركي يغطي شؤون البيت الأبيض.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»